الرئيسية » 2014 » يونيو » 21 » الانسان والعقل...........19.
5:11 PM
الانسان والعقل...........19.

القوة الثنائية اعتبرت منذ القديم متمركزة وسط الرأس عند تجمع الحواس وقواهــا ، وأســاس إدراكها أن الإنسان يميز بها كل ما هو مخالف لصفته كإنسان ، وفي هذه القوة الثنائية تــعزل الصور والأفكار المتعلقة بالوحوش وكل الحيوانات ، ولها مرتبة واحدة ودرجات ثـمانــيــة ، كما أن لها عالما وثمانية معالم ولها قوة في الدماغ وأخرى في قوى الدماغ خارجـة وداخــلــة في التسجيل الدماغي الباطني لقوى العقل ، وسميت قوة ثنائية لانعزالها عن المراتب الأخرى وعن العوالم ، وعرفت عند الهنود في تطبيقاتهم كما عرفت عند المتصوفة ، فعند تـطــبــيــق طرقهم تتراءى لهم وحوش باطنية مفترسة . واعتمد في كل تلك الطــرق علــى مــحــو هــذه المرتبة في قواها لأنها تشكل حاجزا للبلوغ في مراتب العقل ، ولاسيما أنها أول ما يدرك فـي قوى العقل بقوى الحواس ، وتساءل الكثير عن الشبه الموجود بين مطبقي طرق اليوغا وبيـن المتصوفة عندما تتراءى لهم الوحوش في عالم مرتبة القوة الثنائية ، رغم اختــلاف انطــلاق كل منهما لأن المتصوفة إدراك معرفتهم أسسه دينية ، واليوغا في عقيدتها مختلـفــة للأســس المعتمد عليها في التصوف . والحقيقة في ذلك أن في كل تطبيق ناتج بقوى العقل نجد تشابــها في الإدراك ، ولكن عند البلوغ إلى المرتبة العلوية يكون الفرق واضحا في الاعتقاد ، فيـنتــج إما عبادة الخالق أو الانحراف عن عبادته والاعتماد على عبادة النفس . وقد فصـل هــذا فــي ذكر عن مراتب العقل ودرجاته ، وفي ما ذكر عن معالم العقل وعوالمه . والنتيجة الكــلــية ، أن الإنسان مسئـول عن نفسه في كل ما يستنتجه بواسطة الطريقة المستعملة ، والمطبقة علـى حسب مبادئها ، ولكن أسباب الانطلاقة الأولى للبحث ، تعطي النتيجة الوهمـية أو الــصادقــة المتبناة ، على أساس المعرفة المتبعة للبلوغ إلى العلم وإدراك الحقيقة . فالقوة الثنائية إذا عبـر بها دائما عن وحشية الإنسان في نفسه ، واعتبرت عوالمها أنها أســاس شــهــوة الإنــســان ، ومعالمها اتخذت تعبيرا عن كل الملذات ، وذلك باتصالها بالحواس الخمس مباشرة وحــجبـها عن الدخول إلى المراتب ودرجات قوى العقل ، لأن الإنسان إذا تتبع نزوات رغباته من كــل شهوة فإنه لن يخرج منها أبدا ، ولا يصل إلى معرفة مدركة ولا إلى علم حقــيــقــي لــوجــود الحاجز المذكور. فكانت القوة الثنائية هي أساس ترجمت شهوات النفس في الإنــســان . وقــد كان بعض الشعوب في القديم اعتمدوا على جراحة تطبق وسط الرأس وذلك بجعل ثقب فــيـه دائري دون أن يمس الدماغ ، والهدف هو أن لا تبقى في الإنسان نزوات نفسانية ، اعتمــد أن في الإنسان صفة وحشية تسكنه ، وتوفرت وسائل كثيرة للتخدير لأجل الـتــمــكــن مــن تلــك الجراحة ، وكانت تسمى بجراحة الخلاصة أي أن الإنسان يتخلص من وحشية نفسه ، وحديثا اكتشفت بقايا هياكل وجدت فيها الثقب المذكورة في الرأس . وكان هذا من الخطأ في المعرفة المدركة قديما غذ لم يكن من اللازم اتخاذ الجراحة هذه مهما أنه بالإمكان أن يصـل الإنــسان إلى تطهير حاسة القوة الثنائية بوسائل أخرى كثيرة ، ومنها ما اعتمد عليه الصينيون باتــخـاذ مشروبات مسكرة من نباتات قوية مخالفة للسكر الناتج عن شرب الخمور، واعتمد الــهــنــود على أكل المواد المبيدة لتلك القوة المحتوية على أعشاب مختلفة ، واستعملت كــذلــك الــقــوة الأساسية الكامنة في البطن ، ورغمها على الصعود إلى الرأس وتركها في وسـطــه ، وكــان المطبق لهذه الطريقة يشعر بحريق في الرأس ، فسميت تلك القوة بالنـار الــمــطــهــرة ، لأن  

                                                                                                                  الهنود يعتبرون أن النار هي وسيلة لطهارة الجسم سواء باطنيا أو ظاهريا ، وكان البالـغــون في هذا الميدان ، عندما يدركون قوى النار وفعاليتها وبعدما يتمكنون من السيطرة على قواها ، يجلسون وسط النار لمدة ، والهدف هو تطهير الجسم كله ، واعتبر أول من سيطر على قوة النار إلها للنار، وتوجد أصنام كانت تجعل فوق رؤؤسها شموع لتدل على القوة الثنائية ولزوم تطهير حاستها حتى تتمكن الحواس الخمس من الصعود في مراتب العقل ودرجــاتــه . وفــي الدين تستعمل الأدعية والأذكار من أجل تطهير النفس ، وعرفت قديما وسائل أخرى لنــفــس الغرض ، منها الرعاف والحجامة التي هي عبارة عن جروح تجعل وراء الـرأس فــيــمــص الدم ، وكان المقصود هو إفراغ ضغط الدم المتمركز في الرأس حتى تنخفض قوة حاسة القوة الثنائية ، فكان هذا خطأ أيضا لأنه ليس من اللازم أن يجعل الإنسان نفسه خضعا لطرق مثــل هذه ظنا أنها تفيده رغم أنها مضرة به ، لأن الأساليب الصحيحة لا توجد فيهـا هــذه الــعادات والدين هو أول من نجد فيه النهي التام لتطبيق هذه الطرق ، أو الطرق التي أساسها تعــذيــب النفس كالسهر المتواصل ، أو عدم الأكل لمدة طويلة ، ومازال الهنود حتى اليوم تستــعــمــل عندهم طرق يخرق فيها الجسم بإبر كبيرة وذلك للتعذيب المتواصل ، والهدف هو التمكن من الدخول إلى الغيبوبة المدركة وحرق حاسة القوة الثنائية . ولم يكن كل هذا سبيـلا صــحــيــحا للبلوغ على المعرفة الحقيقية وإلى العلم المدرك ، بل أساس كل ما ذكر إنما هو بــحــث عــن الاستمداد من القوى الطبيعية ظنا أن الإنسان كلما تمكن من السيطرة على قوى الطبيــعـة قــد يتمكن من خلاص نفسه من ربط المادة به ، ويدخل عالم الكل الغير البائد . وهذا الـعالــم هــو عالم باطني لعالم الطبيعة ، ظن الكثير أن بالإمكان الخلود فيه واعتقد في كثير من العقائـد أنه الجنة . والحقيقة أن الطبيعة الظاهرية إذا أصيب بالفناء ، فإن العالم الباطني لها والذي اعتبـر عالم الكل الغير البائد يفنى كذلك لأنه صورة للطبيعة الظاهرية . وهـذا كــذلــك مــن أخــطاء العقائد الكثيرة . ولابد من مقارنة معرفة هذه العقائد بعلوم الدين فنجد أن الدين كان ينهى دائما عن استعمال هذه الطرق التي يدخل فيها الإنسان العالم الباطني للطبيعة بقوى العقل ، وعلــى أنها ليست تلك هي الجنة بل الجنة تكون بعد فناء العالم الظاهري للطبيعــة . وكــل مــطــبــق مستمد من قوى الطبيعة بعد البحث الكثير، يتبين له أن كل موارد قوى الطبيعـة لــها نــفــاذ ، وعلى هذا الأساس فإن العلم الظاهري لن يطول أمده في الوجود ولن يكون له الخلود بـل لــه فناء متى نفذت قواه وطاقته المتمركزة فيه . وكان هذا اعتقاد الكثير من الشعوب ، وسمي هذا في الدين بيوم القيامة . فنجد أن في العقائد كلها تشابها لما جاء به الدين ، إلا أن مـعرفــة كــل عقيدة هي تحريف لأصول الدين ، وقد فصل هذا في ما سبق ، وكان الإنسان كلـما قــيــل لــه شيء عن لسان الأنبياء إلا ويسعى للإفلات مما نذر به معتمدا على أسس معرفتها غير ثابــتة ، ودليل عدم ثبوتها هو اختلافها ، وتفنى معرفة الطرق المطبقة لأجل خلاص الإنسان كـلــما تبين للإنسان أن فيها خطأ ، أو عندما تضمحل فعاليتها ، ولو تحققت أصول طــريــقــة مــا ، لاستمر الإنسان في تطبيقها دون أن يتخلى عنها ، وظهور طرق جديدة لها فـعــالــيــة عــنــد تطبيقها تبيد أسس الطرق الأخرى لما يكتسبه الإنسان من قوة وراءها ونجد كذلك أن بـعــض الأماكن في الأرض ، وأقيمت بها معابد أو كنائس قديمة كان الناس يحجون إليها بكثرة ، ثــم       

                                                                                                                  بعد فترة من الزمن لم تبق لها أهمية قصوى ، وذلك أن فـي الأول كانــت تــوجــد فــي تلــك الأماكن من الأرض قوى طبيعية كانت تُعطى للإنسان استمدادا قويا ، وبعد فترة اضمحــلــت تلك الفعالية أو أصيبت بنقصان ، فابتعد عنها الناس لأنها لم تصبح لها أهمية ، وسبب نقصان تلك الفعالية أو اضمحلالها هو راجع إلى تقلبات القوى الطبيعية ورحيلها ، وتفاديا لــرحــيــل القوى الطبيعية اعتمد القدماء على جعل أسس للبنيان لأجل استمرار قــواهــا ، ومثــال ذلــك الأهرام ، ورغم ذلك فإن القوة الطبيعية ترحل من توازن أول إلى توازن ثان ٍ . ونجـد أيــضا أن أمما كانت لها ثروة وقوة فيتغير كل شيء متى حطمت بعض أبنيتهم أو أصنام كانوا لــهــا عابدين ، وهذا دلي أن مصدر استمداد قواهم كان من تلك الأسس الموضوعة لجلــب الــقــوة الطبيعية ، ولذا اعتمد في الدين على تحطيم كل ما يوجد من أصنام ، وذلك لأن كثــيــرا مــن القوى الطبيعية تتمركز فيها ، وفي الدين نجد أن الأساس الأول لخلاص الإنـســان هــو أن لا يعتمد على قوى الطبيعة ، وأن لا يسعى إلى الاستمداد منها أولا لفنائها في وقــت ما ، وثانــيا تعتبر قوى ظلمانية لأن أسسها وضعت ضدا لأصول الدين . فكان الاستمداد من قوى الطبيعة يسمى ظلمات ، والسيطرة عليها باستعمالها يسمى سحرا ، والتهديد بفناء العالم الــطــبــيــعي يكون أقرب ، كما استغل الإنسان قوى الطبيعة مع إرادة جعل قوانين أخرى لــهــا ، أمــلا أن يجد إمكانية الخلود ، والإنسان هو المستهلك الحقيقي لطاقة قوى الطبيعة لاسيما إذا تمكن مـن سجنها أو تحطيمها بالوسائل التي يصل إليها إما بواسطة قوى العـقــل أو بــوســائــل أخــرى كالآلات ، وبالأخص منها التي لها إمكانية استخراج قوى المعدن ، كالكهرباء ، أو الــطــاقــة الشمسية أو القوة الذرية . فهذه القوى غير فانية ، وهي تنقص كلما استعملت ، حـتى ولــو أن لها منفعة ما حايا ، فإن منفعتها الأولية هي أن تبقى على حالها الأول دون استغلالها ، وكلــما استعملت تجعل خناقا حول الإنسان . والباحث في أصول المعرفة والقوى الطبيعية يــجــد أن أول حاجز حالي يمنعه من البلوغ في المعرفة هو وجود قوى طبيعية مضادة له كالكهربــاء ، إذ انتشر استعمالها في الأرض بصفة عامة في كل مكان ، فأصبح غطاء على الأرض كلها . وهذا الغطاء ، يعرف بالشعاع الأخضر وهو أول مانع للصعود الفكري ، لذا نجد أن أغــلــب الطرق التي أساسها استعمال قوى العقل تضمحل شيئا فشيئا ، وفعالية قوى العقــل تــنــقــص بصفة مدهشة ، فلم يبق أحد من البالغين في المعرفة ممن يمكنهم إظهـار كــرامــات ، وكــأن المتحدث عن إمكانيات قوى عقل الإنسان يقول شيئا ليس له دليل مع اعتـبار قــولــه شــيــئــا مستحيلا . ولكن من يدرك الأخطار التي توجه غليها الإنسـان الحــالــي ، يــعــرف أســبــاب انقراض أشخاص تمكنوا من المعرفة ، وليس بإمكانه أن يفعل شــيئا ، لأن كــل ما يــعــرفــه الإنسان اليوم جعل منه ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها ولا هروب منها . ولــكـن الــباحــث بقوى النور يجد قوى عقله تخترق كل الحواجز الحالية والماضيــة ، إلا أنــه لــزم فــي ذلــك اجتهادا كبيرا ، وصراعا يكون دائما والاستقرار مستحيلا ، وانتظاره للخلاص طويلا .   

  تمكن الإنسان من سجن نفسه بمعرفته واحتمالاته حول صحة اعتقاده ، وتمكن من تحطـيــم بيئته باستمرار ه في استغلال ما وصل إليه من قوة لم يكن له بها علم سابق للمعرفة ، فكانـت

                                                                                                                  معرفته للأشياء غير متناهية في الإدراك ، والمعرفة الغير المدركة تسمى جهلا حـتــى ولــو كانت فيها منفعة أولها منفعة ظنا لا يقينا ، وقد تساءل الكثير لم الأنبياء لم تـكــن لــهــم قــدرة استخراج قوانين الآلات والتعريف بأصول علومها رغم وجود الوحي وأسبقية العلــم وإدراك المعرفة بأسس الحقيقية؟ والسائل يجد الجواب في سؤاله

مشاهده: 485 | أضاف: بدرالشريف2550 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
الاسم *:
Email *:
كود *: