بدرالشريف2550 | التاريخ: الخميس, 2013-03-07, 4:24 PM | رسالة # 1 |
عضو بلاتيني
مجموعة: المدراء
رسائل: 739
| مشاركة الأخلاق والمثل العليا
إنّ الشّعبَ لا يوضَعُ على أعناقه نيرٌ إلا إذا طأطأ أعناقهُ لذلكَ النير
اتركوا الناس وقوانينهم ومُثُلُهم العُليا في الأخلاق ، وما يرتاحون لهُ من عادات ، فيتركوا اليوم ما تمسّكوا به بالأمس ، اتركوهم يحكموا على مخالِفيهم بما يَشاءون ، فإنهم لا يستطيعون إلا أن يفعلوا ، وكلٌ مُيسّرٌ لما خُلِقَ لَه ، ولكن لا تَفعلوا فِعلَهُم ، لا تَدينوا مُخطِئاً ، فإن التّطورَ لا بدّ له من أن يأخذَ مجراه ، المخطئُ والمحسنُ كِلاهما لا غنىً عنه ، ولا مفرّ من وجوده ، وكل عملٍ فيه خطوةً من خطواتِ التطور ، وليست خطوةً بذاتها صواباً أو خطأ ، فكل ما خَلا الله باطل ، كل ما عدا الشعور بأبوة الله للبَشَر ، وبأخوّةِ الإنسانِ للإنسان باطِل ، كلُ ما عدا الشعور بالوحدة الشاملةِ باطل ، ولا استقرارَ ولا سَلامَ معَ وجودِ باطل ، قَفوا جانباً وانظروا الأطفالَ يَلعبون ، إنما الحياة لهوٌ ولُعب …
تمسّك بخير ما تعتقدُ أنّه الخير ، وعليك في تمسُّكِكَ هذا ، أن تعلم أن هذا الخيرَ إنما هو خطوةٌ للأمام ، خيرُ خُطوة ، ولا تَلُم من يعمل ما تَراهُ شَراً ، فقد يكون ذلك الذي تَراهُ شَراً ، هو أجملُ الخيرِ في نَظَره ، طِبقاً لما بلغَ من مستوىً ، ولا تهزأ بقانونٍ من قوانينِ الناس ، مهما بَدا لكَ من خَطئه وسوءِ نتائجه ، فهوَ خطوةً على ما فيهِ من نَقص ، وهو درجةً من درجاتِ السُلّم ، وخيرُ ما يناسبُ أغلبيةَ الناسِ في حالتهِم هذه وزمنِهِم هذا ، واذكر دائماً أنّ الكمالَ للهِ وحده ، وأن الجنسَ البشريَ يسيرُ نحوَ الكمال ، يقطعُ مراحلَ الفهمِ ، فالوعيِ ، ثمَّ الاتحادَ بذلكَ الواحدَ المطلَق ، وأنكَ في تَقدُّمِك خلالَ هذه المراحلِ الثّلاث ، يجبُ أن تَعلَم أنكَ كالصخرةِ التي تتلاطم عليها أمواجَ البحر ، تَضرِبها بعنفٌ وشِدة ، ولكن لا تَعباً لها ، فلن تنالَ منها شيئاً ، اللهُّم إلا أن تُطهِّركَ وتغسلُ عنكَ وِزرَك ، فإذا انحسَرَت عَنك ، بَقيتَ ثابِتاً في مكانِك
أعلم أن الشر أو الباطل نسبيٌ مُقَيَّد ، فهو ناتجٌ عن فهمٍ لصورةٍ من صورِ الخيرِ ، في مُستوىً مُنخفِضٍ بالنسبة لمن بلغَ مستوىً أرفع ، وأن العمل الواحدَ يبدو خيراً لمن يعيشُ في مستوىً أقلّ من المستوى الذي عليهِ ذلك العمل ، بينما يرى أهلُ المستويات العليا أنه شَر ، فليس في الدنيا شرٌ أو سوءٌ مُطلَق ، إنما الشرُ هو بقدرِ البُعدِ عن الخير والحقِ في كلّ الأخوال أبلج.
يجب أن يعيشَ الإنسان ، كأحسنِ ما وصل إليه علمُهُ ووعيُه ، سواءً كان ذلك عن طريق الوحيِ السماوي ، أو الإلهام والضمير والعَقل ، والواقع أن هذه الثلاثةُ لها في كل إنسانٍ أثراً ما ، وأن الدرجة التي بَلغَها من الوعي ، تشتركُ في تحديدها هذه الثلاثةَ مجُتمعة ، فإذا إختلف على الإنسانِ أيُّ السُبلِ يَسلُك ، وأيُّ الأفعالِ أقربَ إلى الصوابِ والحق ، لجأ إلى ضوءِ روحه فاستهداهُ الطريقَ واستلهمهُ الصّواب ، وذلك الضوءُ يتضحُ له الطريقَ المستقيمَ فيتَبَعه .
لا مُعايرةَ ولا نَقدَ ولا إدانةَ لِمَن لم يبلغ ما بلغنا مِن مُستوى ، فإنه وإن لم يَنظر إلى الأمور بِنظرَتِك ، ولم يَقِف منها مَوقِفك ، فَلعلّه يلتزمُ اتِّباعَ أحسنَ ما تهديهِ إليهِ نَفسُه ، أكثرَ مما تلتزمُ أنتَ اتِّباعَ أحسنَ ما تأمركَ بهِ نَفسَك ، فكيفَ تجرؤُ على أن تُدينَه ؟؟ وهذه نظرةٌ اكثرَ إنسانيةً من نظرةِ علم الاجتماع الحديث ، الذي يَعتبرُ المجرمين مَرضى ، فَهم ليسوا بمرضى ، بل إنهم إخوةٌ صغارٌ في الروح
روحُ الإنسانِ في تطورٍ لا سكونَ فيه ولا تَوقف ، إنها تتحرك صُعُوداً من مستوىً إلى آخر ، ومن طبقةٍ إلى أخرى ، من حيثُ الاعتقاد بالانفصالِ والانفراد ، إلى العلمِ بالاتحاد والوِحدة ، إنّ التّقدُم هو هدفُ الحياة وسُنّة الخالِق ، فإن صَحَّ هذا ، وضَحَ أن كل ما يدفع الإنسان إلى الأمام نحوَ الهَدف ، صالحٌ وخيرٌ وحَق ، وكذلك يتضح أن كل ما يعيقُ التقدمَ أو يؤخره ، أو يعود بالإنسان إلى الوراء ، سوءٌ وشرٌ وخطأ .
واصِلوا السعيَ والدأبَ وعيشوا أقربَ ما تكونونَ لما تعتقدونَهُ حقاً وخيراً ، مهما لقيتُم في ذلك السبيلِ من مَشَقة ، وارجعوا إلى ما سبقَ ذِكرُه : ابحثوا في القلب عن مَصدرِ الشّرِ واستأصلوه ، وكونوا مُروّضينَ للوحوشِ الرابضة في حنايا طبيعتِكم ، وتعلّموا تطهير تلك الطبيعة من مخلّفاتِ الماضي باستمرار ، وشدوا وثاق الغرائزِ الحيوانية الكامنةِ في داخلكم …
أعملوا على رفع الحجُبِ عن الروح ، حِجاباً بعد حِجاب ، واذكروا ما جاءكم : اسجدوا في خشوعٍ لذلكَ النجمُ الذي يُضيءُ في داخلكم ، تَرونَهُ ضوءاً خافتاً بعيداً أولَ الأمر ، فكلما طالَ السُّجود وزادَ الخشوع ، ازدادَ النجمُ لمعاناً وازدادت قوةَ ضوءه ، عند ذلك تعلمونَ أنكم اهتَدَيتُم إلى بدايةِ الطريق ، حتى إذا وصَلتُم إلى آخِره ، تحوّل نورهُ فجأةً إلى النورِ اللانهائي ، نورُ السماواتِ والأرض
|
|
| |