بدرالشريف2550 | التاريخ: الخميس, 2013-03-07, 4:22 PM | رسالة # 1 |
عضو بلاتيني
مجموعة: المدراء
رسائل: 739
| مشاركة صوت الضمير
كلُ إنسانٍ يحسُ ( وإن تفاوت إحساس كل واحدٍ عن الآخر ) بوجودِ صوتٍ داخلي يتردّد في حَنايا نفسه ، إنهُ شيءٌ من المعرفةِ ظاهرَ الاستقلال عنِ القوةِ العاقِلة ، هذا الصوت يتحدّث إليهِ إما بلهجةِ الآمر أو بلهجةِ المستدرجِ الرّاجي ، إمّا يأمرهُ بأن يفعلَ شيئاً ما أو أن يمتَنِع عن فعلِ شيءٍ ما ، يدفعهُ حيناً إلى ما هو جيد من العملِ ، ويسكت حيناً عما لا يليقُ بهِ مِن سوءِ الأفِعال ، أو يحبّب إليه فِعلَ هذا السوء
هذا الصوت نَدعوهُ بالضميرُ إذا سما وارتفَع ، وإن هَوى إلى ما هو أسفل من أمور سمَيناه وسواساً ، يهتفُ الأولُ بالإنسانِ أن يعملَ خَيراً ، ويُوسوسُ له الآخر بِفعلِ السوء ، وبالإضافةِ لصوتِ الضمير والوسواس ، هناك القوة الثالثة التي تأتينا عندما نريد أن نحزم أمرنا ونَبُتَّ في أمر هام من شؤون حياتنا العادية ، هذه القوة الثالثة نُطلقُ عليها اسم الإلهام
هذه الزكائز الثلاث ، تتمثلُ في الوحي أو صوتِ اللهِ في الأولى ، وصوتُ الإلهامِ والضميرِ في الثانية ، وصوتُ العقل والمنفعةِ في الثالثة ، … والمستويات نفسها يمثلها العقل الروحي ، القوة العاقلة ، والعقل الغريزي ، … فالصوتُ الذي كان يحفز إلى فعل الخير في الأولي هو نفس صوت الضمير الذي يُلهمنا الخصال الحميدة ، لقد كان هو نفسه الذي يدعو إلى أفعالٍ على المستوى الحيواني ، وإذا قِسناها بمقاييس هذا العصر فنقول أنها كانت سوءاً ، فإذا أحسست الوحش يتحركُ في طبقاتِ وَعيِك السُفلي ، ويريد أن ينطلقَ من الغياهبِ التي توارى فيها ما عَلاهُ من طبقاتِ التّطورِ نحوَ الكمال ، فلا تَفزَع ولا تَضطرب ، إنكَ إذ تُبصر به وتدرك أنه شيءٌ منفصلٌ عنك ، يريد أن يدفعك إلى فعلِ ما لا ترضاه وما تجد أنه لا يليقُ بك ، هذا وحده دليلُ الخيرِ والبشرى ، لقد كنتَ فيما مضى ذلك الوحش ، وأما اليوم فإنه جزءٌ منكَ فقط ، فقد أصبح متواريٍ فيك ، وعما قريب سيختفي من كيانك اختفاءً تاماً وإلى غير رجعة
إن أكثر الإلهام يهبط إلى العقل الواعي ، من العقل الروحي الذي لا يفكر فيما يريد ، بل يعرفهُ معرفةَ اليقين ، والعقل الروحي يعطينا دائماً ، خيرُ ما نحن مستعدونَ لقبولهِ ، حسبَ طاقتنا التي تتناسبُ دائماً مع ما بَلغنا من تَقدُّم ، والعقل الروحي يَسهرُ دائماً على خَيرنا ، يهدينا سواء السبيل ، ويهيئ لنا النصح والإرشاد حسب ما أرادنا خالِقنا له ، فالضمير يتصل بالخير والشر التي يبصر بهما العقل ، والإلهام يَتصل بما يجِب فعله فيما لا صلةَ لهُ بمبادئ الأخلاق ، الضمير يهدي للخير وينهي عن الشر ، والإلهام يسدّد خطوات الإنسان في طريق النجاح ،
الضميرُ يحدثنا عن مدى انطباق فعل ما على أسمى ما يرسمه علم الأخلاق ، في مرحلتنا هذه من مراحل التقدم ، والإلهام يُنبئنا بأحسن ما نَصنَعه لمصلحتنا في شؤون حياتنا ،
نور العقل الروحي يحاول باستمرار ، أن يَشُقَ طريقه في طبقات العقل ، فينفذ خلالها من أعلاها حتى يصل أدنى الطبقات ، ولكن نوره يكون خافتاً لأن كثافةَ الحُجُب المضروبةِ على هذه الطبقات ، تمنع وصول الضوءَ قوياً مُنيراً ، وكلّما نُزِعَ حِجاب ، زاد الضوء نوراً ، لا لأنه يقترب ، ولكن لأن مركز الوعي تَسقطُ عنه الحجُبُ التي بينه وبين الروح ، إنه كزهرة تَنحى أوراقها الخارجية وهي تَتَفتح ، فإذا فرضنا أن في قلب الزهرة ، جزءاً مُشِعاً يحاول أن يَنشُرَ نوره ، منعتهُ أوراق الزهرة المحيطة به قبل أن تتفتح ، وكلما هوى صَفٌ من الورق المحيط به ، زاد ظهور النور من داخل الصفوف الباقية .
إن كل ضمير يختلف عن غيره كثافةً وصفاء ، تِبعاً لِسُمكِ الحجُبِ وعددها وعدد ما تم التخلص به منها ، فمبلغَ صفاء النفس يعتمد على قِلةَ سمكِ الحاجز بينها وبين الروح مصدر النور .
لنعش أصدقاءً يوماً بيوم ، نعمل الخير بجُهدَ طاقتنا ، كلمةً طيبةً هنا وعملاً طيباً هناك ، نُعطي الغيرَ حَقّهُ كما نُريدُ أن يعطينا الغيرَ حقّنا ، لا نضطهدُ أحداً بل نحملُ للناسِ الحبّ والتسامُح والمواساة ، ولنعلم أن كلّ الخلقِ جزءٌ من الكلِّ الأعظم ، وأن كل منا يعملُ على شاكِلته ، وكل منا ميسرٌ لما خُلقَ له ، ليكنِ الرفقُ رائدنا والرفقُ بالناس جميعاً
الضمير هو رواسب التجاربِ والخبراتِ الغابرة ، وما وصلنا إليه من تَقَدُّم بفضلها ، مضافاً إليها ما اكتسبناهُ نحن بفضلَ ما يَنفذُ إلى عقولنا من نورِ الروح ، من خلال الحجب التي لم نتوصل بعدُ إلى رَفعِها
كلما ارتفع الإنسان على سفحِ المرتقى ، وكلما سقطَ حجابٌ من حُجُبِ الروح ، بَدَت له المُثُلٌ تلو المُثُل ، كل مَثلٍ أرفعُ من سابقِتها وأدنى إلى الكمال ، حتى إذا بلغ الإنسان القمّةَ العظمى ، وجد نور شمس الروح تُشرِق ، يكادُ ضوءها يذهبُ بالأبصار
إن وراء الضمير قوةً معصومةً عن الخطأ ، قوةُ الله الخالقِ وقدرَته ، وإذا كان الضمير دائماً يَسمو على عقلِ الإنسان درجةً أو درجتين ، فإن القانونَ دائماً متخلفٌ عنه خطوةً أو خطوتين ، فالقانون نتيجةً لمتوسطِ قوةِ عَقلِ الشعبِ مُصطَبِغاً بمتوسطِ ضَميره ، والقانون في مجموعهِ حلٌ وَسَط ، وُضِعَ لِيكفلَ أقصى الخيرِ لأكبرِ عَدَد
|
|
| |