بدرالشريف2550 | التاريخ: الخميس, 2013-03-07, 4:19 PM | رسالة # 1 |
عضو بلاتيني
مجموعة: المدراء
رسائل: 739
| مشاركة المحبة الإلهية المطلقة
أنواع العبادة التي تتخذ لها إلهاً شخصياً ، سواء كان ذلك الإلهُ إلهَ متوحشين أو إلهَ الرجل المستنير المتمدين ، كل هذه الأنواع يشملها القسم الأول الذي تم ذِكره ، فإذا أسقط الإنسان من إدراكهِ كلّ فكرةِ الصورةِ الشّخصية عن الله ، انتقل إلى القسم الثاني حيث يكونُ الإيمان بالله بمعنى أسمى وأرفع ، لا لأن الله تنقصهُ الشخصية ، ولكن لأنه يتسامى عن الشخصية ، ويتجاوزها لأنه يتعارض معها .
إنّ مَن يحبُ الله ، يستطيع أن يحبه كما يحب الولد أباه وأمه ، أو المحب لحبيبه ، فإنّ صفات الله تشمل هذه الأنواع من المحبة جميعها ، ولها القدرةَ على الاستجابةِ لكلِ نوع منها ، فمن وَجَدَ في نفسه حاجةً إلى بِرّ الأب وظلِ جناحِ رحمته ، فما عليه إلا أن يفتحَ قلبه ليستقبل ذلكَ البِر ، وأن يطوي نفسه تحت جناحِ رحمته ، فيغمره البِرُ ويُظِللهُ جناحُ الرحمة
الديانات الغربية لا تعرف هذا النوع من حب الله ، ولكنه ليس بالشيء الغريب في الشرق ، حيث الحب الذي يشتعل في قلب المحب لحبيبه ، كما تحب الأم ولدها ،
منهجية الخلاص والعبادة تعلم أنه بِفضل حُب المريد الدائم لله ، يقترب منه شيئاً فشيئاً ، حتى يصل في النهاية إلى معرفة صِلتهِ بالله ، والإحساسِ بها ويتذوقها ، إن ما يحس به أصحاب هذا الطريق من حبِ الله ، لا يقاس بما يحسوه من عارم الحب ولذةِ القُرب ، وأن مَثَلَ الأول كَمَثَل حبَ الطفلِ لزميلِ طفولتهِ ولُعبهِ ، وهو يظنُ أنه يعرف طَعمَ الحب ، ومَثَل الثاني كَمَثل هذا الطفل إذا بلغَ هو وصاحبهُ سِنّ الرُجولة وأحَسَ الحبَ كلٌ مِنهُما لزميله ، الحبُ العميقُ البريءُ الذي يَدفعِ الرجلَ إلى افتداءِ صاحبهِ بروحه ، في المستوى الثاني يحسُّ الإنسان بأن الله يستجيبُ لكلِّ نجوى ويحقق كلّ رغبة ، وأنه يمس نفسه في ألف ناحيةٍ وناحية ، إنه محيطٌ به إحاطةَ أشعةِ الشمس بمن يريدها ، فما عليه إلا أن يخطو نحوها فتغمُره بدونِ أن يطلبَ من الشمس أن تَغمرهُ بأشعتها …
كذلك يؤمن أن كل الأيام هي أحدٌ وسبتٌ وجمعة ، وكل سَهلٍ ووَعرٍ وحقلٍ هي بيتٌ ومعبدٌ لهم ، وفي نظرهم أن كل رجلٍ وامرأةٍ وكاهنٍ وكاهنةٍ في محرابه ، وكل طفلٍ عاكفٍ على هيكله ، إنهم يَنفَذونَ بِبَصَرهم خلال الجسَد مُتَخطينَ هذا الحجابِ الكثيف ، إلى ما وراءِ الجسدِ من روح
إنهم لا يؤمنونَ بأن الله يطلبُ مِنَ الناس أن يحِبوه ، وأنه يحتفظ بالخير والبركة مكافأةً يُغدِقها على مَن يُحِبه ، وأنه أعَدّ العذابَ لمن يَبخلُ بحبهِ عَليه ، إنّه يرى في هذه العقيدةِ ما يَتنَافى وما يعتقدهَ في اللهِ مَن يَعرفه حَقَّ مَعرِفَته ، إنهّم يرونَ أن الله أجَلَّ وأعلى من هذه الأحاسيس التي توحي بالمكافأة والعقوبة ، فهُم يّرونَ أن الله مِثلَ الشمس ، تُشرقُ على الجميع
إنهم مع ذلك يعلمونَ أنه قد أعَدَّ لمن أتى الله بِقلبٍ سَليم ، ولكن ذلكَ النّعيمُ ليسَ مكافأةً له لرضا الله عنه ، وإنما نتيجةً لعملِ الإنسان في أن يتعرفَ على حقيقةِ الله ، بالمعرفةُ الحقةُ والإدراك
إنهم يُصَلّونَ لله في أوّلِ مراحلِ الطريق ، صلاةً يحملونها بمطالبٍ كمِثلِ السائلِ الذي يقفُ ببابِ الله يطلبُ حاجةً بعد حاجة ، حتى إذا قَطعَ مِن الطريق مرحلةً فَقَرُبَ بعضَ الشيءِ من النور ، بدأ يشعرُ أن صَلاتهُ هذه ليست وسيلةً للتّقربِ من الله ، فينتقلُ للمرحلةِ التاليةِ التي يسألُ فيها العونَ على الهِداية ، ويطلبُ من اللهِ القوةَ لبلوغِ مرحلةِ الصفاءِ الروحي ، وما أن يَصِلَ لهذه المرحلة ، حتى يِتَعرّف أن الصلاةَ لا تنفعُ الله ولا تُساعِده ، وأن الله غنيٌ عن عِبادته وثنائه وحمَده ، ومع ذلك فإن للصلاة أعظمُ الفائدة ، وفيها أكبرُ الخيرِ للإنسان ، لأنه بِفضلِها يقتربُ من مرضاةِ الله ، وتنسجم بها روحهُ مع الملأ الأعلى ، وتفتحُ مصاريعَ روحهِ لتياراتِ القوةِ والحكمة ، التي تغمرُ مَن يقتربُ من الله ، مصدرَ كل قوةٍ ومنبع كلِّ حكمة ، وهذا هو سِرُ الصَلاة
|
|
| |