الرئيسية » 2013 » يونيو » 18 » الوعي الانساني ........44
8:46 PM
الوعي الانساني ........44



الجسد الخامس الروحي ومقام النطق



اعتباراً من الجسد الخامس ستنتقل إلى مملكة أخرى وبعد آخر.. من الجسد الأول إلى الجسد الرابع يكون الانتقال من الخارج إلى الداخل، ولكنه يصبح من الأسفل إلى الأعلى عند الانتقال من الجسد الرابع إلى الجسد الخامس.... من الجسد الخامس فما بعد يكون الانتقال من الأنا إلى اللا أنا... والآن يصبح البعد مختلفاً، حيث لا يوجد معنى للخارج والداخل أو الأعلى والأسفل... الموضوع هنا هو وجود الأنا أو اللا أنا... المعنى الآن يدور حول وجود مركز عندك أو عدم وجوده.

 

الإنسان ليس لديه أي مركز إلى أن يصل إلى الجسد الخامس لذلك ينقسم كيانه لعدة أقسام... فقط في الجسد الخامس يصبح هناك مركز وتوحد ووحدانية... إلا أن المركز يصبح الأنا هنا.... والآن يصبح ذلك المركز معيقاً للتقدم المستقبلي... كل خطوة كانت من قبل تساعد على التقدم تصبح الآن معيقة لمزيد من التقدم.... لذا عليك أن تترك كل جسر تعبره... لقد كان معيناً لك في العبور ولكن سوف يصبح معيقاً لك إذا تعلقت به.

يجب خلق مركز داخلنا إلى حد الوصول إلى الجسد الخامس... ويقول جوردجيف أن المركز الخامس هو التبلور... الآن لا يوجد أي خدم، لقد استلم السيد زمام الأمور... الآن السيد هو السيد.... لقد استيقظ وعاد.... عندما يكون السيد حاضراً يخمد الخدم ويصمتون. لذا فإنك عندما تدخل الجسد الخامس، عندئذ يحدث تبلور للأنا... ولكن الآن، ومن أجل المزيد من التقدم، يجب أن يضيع هذا التبلور مجدداً.... يجب أن يضيع في الفراغ في الكون....

فقط الذي يملك يستطيع أن يفقد، لذا فإن التحدث عن اللاأنا قبل الجسد الخامس يكون هراء وسخف!.... إذا لم يكن عندك أنا فكيف يمكن لك أن تفقدها؟ أو يمكنك القول أن عندك العديد من الأنا، كل خادم عنده أنا... إنك متعدد الأنا، متعدد الشخصيات متعدد النفسيات، ولكنك لست أنا واحدة متحدة.

 

إنك لا تستطيع أن تفقد الأنا لأنك لا تملكها بعد... يمكن لرجل غني أن يتخلى عن غناه ولكن الفقير لا يستطيع.. الفقير ليس لديه ما يتخلى عنه أو يفقده... ولكن يوجد من الفقراء من يفكر بالتخلي أو نكران الذات! الشخص الغني يخاف من التخلي عن الثروة لأنه يملك ما يفقده ولكن الشخص الفقير مستعد دائماً للتخلي عن الثروة... إنه مستعد ولكنه ليس لديه ما يتخلى عنه.

الجسد الخامس هو الأغنى... إنه منتهى كل ما هو ممكن بالنسبة للإنسان... الخامس هو قمة التفرد، قمة الحب والرحمة وكل ماله قيمة... لقد فقدت كل الأشواك، والآن الوردة أيضاً يجب أن تضيع... وعندها سيكون هناك ببساطة عطر بلا وردة.

 

السادس هو مملكة العطر، العطر الكوني... لا يوجد وردة ولا مركز... محيط بلا مركز... يمكنك القول أن كل شي أصبح مركز، أو أنه الآن لا يوجد مركز، يوجد فقط شعور متمازج. لا يوجد انشطار ولا انقسام – ولا حتى انقسام الفرد إلى "الأنا" و "اللاأنا" أو "الأنا" و"الآخر". لا يوجد انقسام على الإطلاق...

لذا فإنه يمكن للمرء أن يضيع في أحد الاتجاهين: الأول – انفصام الشخصية منقسماً إلى عدة أجزاء أشخاص... أو الثاني: إلى اتجاه كوني... يضيع في المطلق... يفنى في الله.. في الأعظم، الأعظم على الإطلاق، في حضن الرحمن.... الآن الوردة لا تكون لكن العطر يكون... لذا لا يمكن أن تموت... إنها غير قابلة للموت... كل شي عنده مصدر سوف يموت ولكن الوردة ليست كذلك لأن المصدر اختفى... العطر غير مُسبب لذا فلا يوجد موت أو حدود له.... الوردة قاصرة: أما العطر فغير محدود... لا يوجد حاجز له لذا فهو يتدفق ويتدفق ويستمر إلى الماوراء...

 

إذاً اعتباراً من الجسد الخامس ليس هناك معنى للأعلى والأسفل الجوانب والداخل والخارج. المعنى يدور حول كونك بأنا أو بدون أنا... وفقد الأنا هو الأكثر صعوبة من كل شيء... الأنا ليست مشكلة حتى الجسد الخامس لأن التقدم كان يغذي الأنا... لا أحد يريد أن يصبح منفصم الشخصية: الكل يفضل أن يكون لديه شخصية متبلورة... لذا فكل مريد يمكنه أن يتقدم إلى الجسد الخامس.

لا يوجد أي طريقة للانتقال إلى ما وراء الجسد الخامس لأن كل نوع من أنواع الطرق مرتبط بالأنا... في اللحظة التي تستخدم فيها طريقة ما تتم تقوية الأنا... لذا فلمن أراد الذهاب وراء الجسد الخامس لا تتحدث عن أي طريقة... بل استخدم اللاطريقة إلى الحقيقة... الآن لا يوجد أي كيفية لما تعمله... من الجسد الخامس فصاعداً لا يوجد أي طريقة ممكنة.

يمكنك استخدام طريقة ما حتى الخامس، ولكن عندها لن تكون هناك طريقة لاستخدامها لأن المستخدِم سوف يضيع.... إذا استخدمت أي شيء سوف يصبح المستخدم أقوى... سوف تستمر أناه بالتبلور... وسوف تصبح نواة للتبلور والتدهور... لذلك فإن أولئك الذين بقوا في الجسد الخامس يقولون أن هناك عدد لا نهائي من الأرواح والأطياف... يظنون أن كل طيف ذرة...

ولا يمكن لذرتين أن تلتقيا... فهما بلا نوافذ ولا أبواب، مغلقة عن كل ما هو خارج ذاتها.... الأنا بلا نوافذ.... مغلقة مثل خلايا وحيدات الخلية... الآن أنت وحدك ووحدك ووحدك...

ولكن هذه الأنا المتبلورة يجب أن تضيع... كيف يمكن أن تضيع ولا يوجد طريقة؟

كيف يمكن الذهاب ما ورائها ولا يوجد ممر؟ كيف يمكن الفرار منها؟ ولا يوجد باب...

يتحدث العارفون عن البوابة التي لا بوابة لها... الآن لا يوجد بوابة، ورغم ذلك على المرء أن يتخطاها... فما العمل؟؟؟

أولاً: لا تتماهى وتتقيد بهذا التبلور... فقط كن مدركاً لذلك البيت المغلق للـ "أنا". فقط كن واعياً له – لا تفعل شيئاً- وهاك الانفجار! سوف تكون وراءها فوراً!

 

هنالك قصة عميقة يستخدمها المعلمون مع تلاميذهم...


وُضعت بيضة إوزة في إناء...خرجت الإوزة من البيضة وبدأت بالنمو ولكن فم الإناء صغير جداً بحيث لا تستطيع الإوزة الخروج من الإناء... تنمو الإوزة لتصبح أكبر فأكبر ويصبح الإناء صغير جداً للعيش فيه.... الآن إما أن يتم كسر الإناء لإنقاذ الإوزة أو أن الإوزة سوف تموت. يسأل المعلم تلاميذه: "ما العمل؟ إننا لا نريد أن نفقد أياً منهما... يجب إنقاذ الإوزة والإناء... فما العمل؟"... هذا هو سؤال الجسد الخامس. عندما لا يكون هناك مخرج والإوزة تنمو، وعندما يصبح التبلور تاماً، ما هو العمل الآن؟

يدخل المريد داخل غرفته، يغلق الباب ويبدأ التفكر بالأمر... ما العمل؟ يبدو أن هناك شيئان ممكنان فقط: إما تخريب الإناء وإنقاذ الإوزة... أو ندع الإوزة تموت وننقذ الإناء... يستمر المتأمل بالتفكير والتفكير... يفكر بحل ما ولكن يتم إلغاؤه لأنه لا يوجد طريقة لفعل ذلك... فيعيده المعلم للمزيد من التفكير.

يستمر المريد بالتفكير لعدة ليال وأيام ولكن لا توجد طريقة لفعل ذلك... في النهاية تأتي لحظة يتوقف فيها التفكير... يركض خارجاً وهو يصيح "وجدتها! الإوزة في الخارج الآن!"

المعلم لا يسأل كيف، لأن الأمر كله هراء...

 

للانتقال من الجسد الخامس تصبح المشكلة لغزاً وأحجية وعبرة أبعد من الفكر... على المرء فقط أن يكون واعياً للتبلور – والإوزة في الخارج!

تأتي لحظة تكون عندها خارجاً... لا يوجد "أنا"....

لقد تم الوصول إلى التبلور ومن ثم ضياعه... بالنسبة للجسم الخامس كان التبلور، المركز، والأنا جوهرياً... لكونه ممراً وجسراً فقد كان ضرورياً وإلا فلن يكون بالإمكان اختراق الجسد الخامس... ولكن لا حاجة له بعد الآن.

 

هنالك أشخاص وصلوا إلى الجسد الخامس دون المرور عبر الرابع... الشخص الذي يمتلك العديد من الثروات يكون قد وصل إلى الخامس، لقد تبلور بطريقة ما... الشخص الذي أصبح رئيساً أو ملكاً لدولة قد تبلور بطريقة ما... حتى شخص كهتلر أو موسوليني قد تبلور بطريقة ما... ولكن التبلور محدد في الجسد الخامس... إذا لم تكن الأجسام الأربعة الأدنى متوافقة معه، فإن التبلور يصبح مرضاً... النبي أو المسيح أو بوذا قد تبلوروا أيضاً لكن تبلورهم مختلف.

 

إننا جميعاً نتوق لإرضاء الأنا بسبب حاجة داخلية عميقة للوصول إلى الجسد الخامس.. ولكن عندما نختار طريقة مختصرة فإننا سوف نضيع في النهاية... إن أقصر طريق تكون عبر الثروات، السلطة، والسياسة... يمكن تحقيق الأنا ولكن ذلك تبلور زائف... إنه لا يتوافق مع شخصيتك الكاملة... إنها مثل مسمار القدم الذي يتشكل على رجلك ومن ثم يتبلور... إنه تبلور زائف ونمو غير طبيعي و مرض.



تابعوني في استكمل مقام النطق


مشاهده: 674 | أضاف: بدرالشريف2550 | الترتيب: 3.0/2
مجموع التعليقات: 2
2 بدرالشريف2550  
0
شكرا حبيبي علي تواجدك الدائم والمحفز
وبارك الله فيك

1 غريب  
0
[color=blue]السلام عليكم ورحمة الله
مشكور استاد على المجهود
حقيقتا يقولون عنه عالم عجيب ويجب ان تتئدب فيه ياغريب
وفقك الله
[/color]

الاسم *:
Email *:
كود *: